في هذه التّدوينة سأستعرض معك بعضًا من الفِخاخ والمصائد التي ما فتئت تعترضني وتخاتلني لكي توقع بي وتمنعني من الاستمرار في التّدوين اليوميّ، وسأذكر لكم في النّهاية أحدث تلك الفخاخ الذي دفع بي لكتابة هذه التدوينة.
الفخّ الأول: النصّ المثالي
هذا أوّل الفخاخ التي يجب أن تتيقّظ لها؛ لأنّه يمنعك أساسًا من البدء في الكتابة والنّشر؛ فسيجعلك تنتظر أن تكتب شيئًا كاملًا وأن تضع فيه كل إمكانيّاتك وقدراتك، ويأخذ منك وقتًا طويلًا جدًا وأنت تظلّ تعيد وتراجع وتماطل دون نشر.
اِنتبهْ: ليس هناك نص مثالي، فمتى ما استوفى النصّ الأساسيّات وراجعته لغويًّا انشره، بل إنّ الإصرار على مثل هذه التّدوينات “المثالية” ممكن أن يكون سببًا في تباعد النّشر وتأخّره لأنك تريد أن تكون كتابتك بالمستوى نفسه، وهكذا تظل مدوّنتك شبه فارغة.
الفخّ الثاني: النّاقد الداخلي
وهو الصّوت الذي ينتقدك في كل خطوة كتابة، يُقلّل من شأن الفكرة التي تكتبها، أو يشكّك في سلامة الصياغة، أو يجعلك تتردّد في اختيار مفرداتك، ولا يزال بك حتّى تعْلق في الكتابة ولا تنتهي ممّا بين يديك، وبذلك تكون وقعت في الفخ.
اِنتبهْ: أسكتْ ذلك الصوت، وأخبره أنّه لا مشكلة لديك في إن كان هناك خطأ في الكتابة أو في الأفكار، وأنّ المهم لديك أن تنتهي من النصّ وتنشره. التزم بخطوة المراجعة اللغوية ثم انشره.
الفخّ الثالث: يجب أن أكتب تدوينات فيها فائدة معرفيّة
قد يكون ذلك نتيجة أن مدوّنتك لها توجّه معيّن ويجب أن يكون لديك موضوعات محدّدة تكتب فيها، ويحدث أحيانًا أن تعرض لك فكرة تريد أن تكتب عنها أو تناقشها لكنّك تتردّد لأنّك ترى أنّها تأمّل شخصي خارج عن مجال مدوّنتك وأنّها ليست من نوع التّدوينات التي خطّطت لأن تكتبها في مدوّنتك.
اِنتبهْ: صحيح أنّك تريد أن تكون مدوّنتك مفيدة لمتابعيك لكن تذكّر أيضًا أنّك تريد أنْ تستمرّ في النّشر فلا تقيّد نفسك بموضوعات أو عناوين معيّنة، ضِفْ إلى ذلك أنّ تلك التدوينات التي تعرض آراءً شخصية قد يكون لها أثر إيجابي وطيّب في نفوس القراء ويجدون فيها فائدة غير مباشرة.
الفخّ الرابع: من الضروري أن أكتب باستخدام مصادر
لا شكّ في أن ذكر مراجع ومصادر في تدوينتك يعزّز من قيمتها، لكنّ أحيانًا الحرص الزائد على استخدام المصادر وذكرها ضمن تدويناتك يعيق عملك ويمنعه من الظّهور.
اِنتبهْ: لا تكبّل نفسك بكثرة المصادر في الكتابة والإشارة إليها، استخدم المصدر بالقدر الذي تحتاجه تدوينتك، واحرص على المصادر في مواضع معيّنة منها: عند ذكر الأرقام أو الإحصائيات والتعريفات الأساسيّة، أما ما عدا ذلك فتستطيع أن تكتب من خلال خبْرتك.
وهنا أشكر الأستاذ يونس بن عمارة على نصيحته التي كان لها أثرٌ على استمراري في الكتابة والتدوين، حيث قال لي: اكتبي من خبرتك. هذه المقولة أنجتني من فخّ كثرة المصادر.
الفخّ الخامس: المقارنة مع كتاباتك السّابقة
هذا الفخّ الذي كدتُ أن أقع فيه اليوم دون أن أشعر.
فتدوينة اليوم هي التدوينة رقم #٧ من تحدّي تدوين يومي لمدّة شهر بدأته في ٢١ شعبان. وكنتُ قد قررتُ بيني وبين نفسي أنّني سأكتب تدوينات قصيرة وبسيطة لألتزم بالتحدّي خاصّة أنه سيستمر إلى ٢٠ رمضان، لكن حدث أنّني كتبت ست تدوينات طويلة وبرأيي أنّ فيها محتوىً جيّدًا.
وعندما أردتُ اليوم الكتابة لم أجد ما أكتبه وكالعادة شجّعتُ نفسي وقلت: اكتبي أي شيء، اكتبي بضعة أسطر، فقد نويتِ في البداية أن تكون التدوينات قصيرة وبسيطة.
لكن تدوينات الأيام السابقة الست لم تدعْني وشأني، وحضرت الحوار بيني وبين نفسي، وكادت توقع بي قائلة: كيف تكتبين تدوينات قصيرة جدًا؟ لا يليق بك. وهذا هو الفخّ، فخّ المقارنة بالكتابة السابقة.
طبعًا لم يكن الحوار الداخلي بهذا الصّخب، لقد كان متواريًّا لكنّه كان مؤثّرًا، لكن الحمد لله تجاوزته وأفلتُّ منه.
اِنتبهْ: أنت حرّ في مدوّنتك، فلا بأس أن تكتب اليوم تدوينةً مثلًا وغدًا سطرًا واحدًا فقط. وتذكّر دائمًا أن استمراريّة الكتابة هدف حقيقٌ بالالتزام.
*****************************************
تدوينات ذات صلة بعوائق الكتابة وفخاخها
- ٤ فوائد تحصل عليها من نشر تدوينات ناقصة وغير مثاليّة في مدوّنتك الشّخصية
- لن تسيْطر على وقتك الخاصّ للكتابة لكن استمرّ في الكتابة على أي حال
- ٧ نصائح تساعد الكاتب ليحمي وقته المخصّص للكتابة
- وأنا أحيا مع الكتابة في مدوّنتي هل عليّ أن أزعجَ نفسي بتحسين تدويناتي لمحركات البحث؟
- كيف تصنع لنفسك مساحة للكتابة الحرّة في مدوّنتك المتخصّصة؟
- كيف تحلّ أحجية: عن أي مجالٍ سأكتب في مدوّنتي؟ اسمع حكايتي
إنْ أعجبتك التّدوينة شاركها مع من يستفيدُ منها،
ولا تنسَ الاشتراك في نشرتي البريدية تجد خانتها في الصفحة الرئيسية.